
صلاة التراويح كم ركعة؟ ومتى موعدها؟ من الأسئلة التي تهمَّ المسلمين على اختلافِ أجناسِهم وأعراقِهم، حيثُ تُعتَبَرُ واحدةً من أبرزِ الشعائرِ الدينيةِ التي يحرصُ عليها المسلمون في جميعِ أنحاءِ العالمِ في شهرِ رمضانَ الكريمِ، نظرًا لأهميتها الروحانيةِ كما أنها جزءٌ لا يتجزأُ من الأجواءِ الرمضانيةِ، لذا يجبُ التعرفُ على أهمِّ المعلوماتِ عنها.
صلاة التراويح كم ركعة
في سياقِ الإجابةِ على سؤالِ “صلاةُ التراويحِ كم ركعة؟ ومتى موعدها؟” نجدُ أن العديدَ من الأئمةِ قد أقرّوا بأنَّ عددَ ركعاتِ صلاةِ التراويحِ إحدى عشرةَ ركعةٍ فقط، ولا يجوزُ الزيادةُ عنها، لأنَّ ذلك في حكمِ البدعةِ.
هناك فرقةٌ أخرى من العلماءِ أنكروا على من اقتصرَ على إحدى عشرةَ ركعةٍ، وقالوا: إنهم خالفوا الإجماعَ، وقد سُئِلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن صلاةِ الليلِ، فقال: “مثنى، مثنى”، ولم يحدِّد بعددٍ.
وقد قالَ العلماءُ في ذلك أنَّ الذي سألَ النبيَّ، عليه أفضلُ الصلاةِ والسلامُ، عن صلاةِ الليلِ لا يعلمُ العددَ، لأنَّ من لا يعلمُ الكيفيةَ بالضرورةِ يجهلُ العددَ، وهو ليس ممن خدمَ الرسولَ صلى الله عليه وسلم حتى نقولَ إنه يعلمُ ما يحدثُ في بيتهِ الشريفِ.
إذا كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قد بَيَّنَ له كيفيةَ الصلاةِ دونَ أن يُحدِّد له بعددٍ، نستدلُّ من ذلك على أنَّ هذا الشأنَ فيهِ رحابةٌ واتساعٌ، وأنه يجوزُ للمسلمِ أن يُصَلِّيَ مائةَ ركعةٍ، ويوتِرَ بواحدةٍ.
بالنسبةِ إلى قولِ النبيِّ عليه أفضلُ الصلاةِ والسلامِ (صلوا كما رأيتموني أصلي)، فهذا الحديثُ لا يُعمَّمُ حتى عند هؤلاء؛ لذا لم يُوجِبْ على المسلمِ أن يُوترَ مرةً بخمسٍ، ومرةً بسبعٍ، ومرةً بتسعٍ؛ فلو اتبعنا القولَ الشاملَ لقلنا: يجبُ أن يُوترَ مرةً بخمسٍ، ومرةً بسبعٍ، ومرةً بتسعٍ، ولكنَّ المقصودَ من الحديثِ الشريفِ كيفيةَ الصلاةِ وليس العددَ.
في جميعِ الحالاتِ، لا يجبُ على المسلمِ أن يشدَّدَ على نفسه في الأمورِ الدينيةِ، لا سيما إن كانتِ المسألةُ فضفاضةً واسعةً مثلَ هذهِ المسألةِ، ولكن لا يجبُ أيضًا أن ننسى حديثَ الرسولِ (من قام مع الإمامِ حتى ينصرف، كُتب له قيامُ ليلةٍ) الذي رواه المُحدِّثُ ابنُ البازِ.
هناك فريقٌ آخر من العلماءِ قد أنكروا على من اقتصرَ صلاةَ التراويحِ على إحدى عشرةَ ركعةٍ إنكارًا عظيمًا، وقالوا إنه قد خرجَ عن الإجماعِ، مستشهدين بقولِ اللهِ عزَّ وجل:
﴿وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِيهِ جَهَنَّمَ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾؛ صدقَ اللهُ العظيمُ.
وللإجابةِ على أسئلةِ “صلاةُ التراويحِ كم ركعة؟ ومتى موعدها؟” يجبُ ألا نتجاهل حديثَ أبي سلمةَ بن عبد الرحمنَ؛ إذ سألَ عائشةَ رضي الله عنها: كيف كانت صلاةُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في رمضانَ؟ فقالت: (ما كان يزيدُ في رمضانَ ولا في غيرهِ على إحدى عشرةَ ركعةٍ؛ يُصَلِّي أربَعًا، فلا تَسْأَل عن حسنِهنَّ وطولِهنَّ، ثم يُصَلِّي أربَعًا، فلا تَسْأَل عن حسنِهنَّ وطولِهنَّ، ثم يُصَلِّي ثَلَاثًا. فقلت: يا رسولَ اللهِ، أتنامُ قبل أن تُوَتِّر؟ قال: يا عائشة، إنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ ولا ينامُ قَلْبِي)
رواهُ البخاري (1909) ومسلم (738).
اعتبره هذا الفريق من العلماءِ دليلًا قاطعًا على عدمِ جوازِ الزيادةِ في صلاةِ التراويحِ على ثمانِ ركعاتٍ، فهو يدلُّ على المداومةِ لرسولِ اللهِ في صلاتِه في الليلِ في رمضانَ وغيره، وقد ردَّ الفريقُ الآخرُ من العلماءِ على الاستدلالِ بهذا الحديثِ بأنَّ هذا من فعله صلى الله عليه وسلم، والفعلُ لا يدلُّ على الوجوبِ.
اقرأ أيضًا: مواقيت الصلاة 2024/1446
متى يكون موعد صلاة التراويح؟
يمتدُّ وقتُ صلاةِ التراويحِ من بعدِ العشاءِ وحتى مطلعِ الفجرِ؛ فإذا كان المسلمُ سوف يُصَلِّي في المسجدِ إمامًا أمامَ الناسِ، فالأولى أن يُصَلِّيها بعدَ صلاةِ العشاءِ، أما المصلونَ في بيوتهم، فله أن يختارَ ما بينَ أولِ الليلِ وأوسطِه وآخرِه.
أولُ الليلِ يُقصدُ به بعدَ صلاةِ العشاءِ مباشرةً، ويُعتَبَرُ هذا الموعدُ هو المتَّفَقُ عليه في معظمِ المساجدِ حولَ العالمِ؛ بينما منتصفُ الليلِ يناسبُ من أرادَ الصلاةَ منفردًا في المنزلِ، كما يعتبرُ الكثيرُ من المسلمينَ أنَّ الثلثَ الأخيرَ من الليلِ هو الوقتُ الأفضلُ للصلاةِ، وذلك وفقًا لما جاءَ في حديثِ الرسولِ عليه الصلاةُ والسلامُ.
(يَنْزِلُ اللهُ كلَّ ليلةٍ إلى السَّماءِ الدُّنيا، حين يبقى ثُلُثُ الليلِ الآخِرِ، فيقولُ: “مَن يدعوني فأستجيبُ له، ومَن يسألني فأعطيه، ومَن يستغفرني فأغفر له”)؛ وبذلك يكونُ المصلي قد جمعَ بينَ التراويحِ وقيامِ الليلِ.
فضل صلاة التراويح في رمضان
خلالَ البحثِ عن إجابةِ سؤالِ “صلاةُ التراويحِ كم ركعة؟ ومتى موعدها؟” يجبُ أن نتعرّفَ على فضائلِ هذه الشعيرةِ الإسلاميةِ العظيمةِ، وهذا ما نطرحهُ في النقاطِ التاليةِ:
- من أعظمِ العباداتِ التي تُقَرِّبُ العبدَ إلى رَبِّهِ.
- سنةٌ مُؤَكَّدَةٌ عن النبيِّ، عليه أفضلُ الصلاةِ والسلامُ.
- من أهمِّ الشعائرِ التي تُجَمِّعُ المسلمينَ وتُزِيدُ من وحدةِ الأمةِ الإسلاميةِ.
- فيها مغفرةٌ للذنوبِ، استنادًا إلى قولِ الرسولِ عليه الصلاةُ والسلام: (من قامَ رمضانَ إيمانًا واحتسابًا، غُفِر له ما تقدمَ من • الصلاةُ بشكلٍ عامٍ تُبثُّ في النفسِ شعورًا بالطمأنينةِ والراحةِ النفسيةِ.
كيفية أداء صلاة التراويح
لكي يتقبَّلَ اللهُ صلاةَ التراويحِ من صاحبِها، عليه أن يراعي أركانَها، وأن يلمَّ بكيفيةِ أدائها في ضوءِ السنةِ النبويةِ المشرفةِ، على النحوِ التاليِ:
- النِّيَّةُ: يكفي أن ينويَ المسلمُ أنه سوف يُصَلِّي التراويحَ.
- الركعاتُ: يتمُّ أداءُ الركعاتِ ركعتين، ركعتين، اقتداءً بنبينا الكريمِ.
- السورُ: يمكنُ الصلاةُ بأيِّ سورةٍ بعدَ الفاتحةِ، ولكن أغلبُ الأئمةِ يُفضلونَ ختمَ القرآنِ كاملًا على مدارِ أيامِ الشهرِ الكريمِ.
- الاستراحةُ بينَ الركعاتِ: يُفضَّلُ أخذُ استراحةٍ قصيرةٍ بعدَ كلِّ أربعِ ركعاتٍ، ويمكنُ للمسلمِ خلالها التسبيحَ والدعاءَ.
- صلاةُ الوترِ: من الأمورِ المستحبةِ بعدَ صلاةِ التراويحِ، وتكونُ ركعةً واحدةً أو ثلاثًا.
اقرأ أيضًا: دعاء الصائم قبل الافطار 2024/1445
حكم صلاة التراويح في المنزل
يجوزُ أداءُ هذه الشعيرةِ في صورةِ الجماعةِ في المسجدِ أو في المنزلِ منفردًا، ويجوزُ لربِّ البيتِ أن يُصَلِّيَ بأهلِ بيتهِ؛ لكنَّ الجماعةَ في المسجدِ لها فضلٌ أعظمُ بالتأكيدِ، لأنها تُعَدُّ صلاةَ القيامِ التي صلاها النبيُّ في شهرِ رمضانَ المباركِ، وقد سُمِّيَت بهذا الاسمِ، لأنَّ المسلمينَ كانوا يجلسونَ للاستراحةِ بينَ كلِّ أربعِ ركعاتٍ، نظرًا إلى طولِ الصلاةِ.
تُعَدُّ صلاةُ التراويحِ من السننِ المُؤَكَّدَةِ، حيثُ صلاها النبيُّ لأكثرَ من ليلةٍ في المسجدِ، وبعدَ ذلكَ تركها خوفًا من أن تُصبِحَ فريضةً، لكنه عليه الصلاةُ والسلامُ شجَّعَهم على أدائها في البيوتِ والمساجدَ جماعةً وفُرَدًا.
في عهدِ أميرِ المؤمنينَ، عمرَ بنِ الخطابِ رضي الله عنه، تمَّ جمعُ المسلمينَ في شهرِ رمضانَ على إمامٍ واحدٍ لكي يُصَلُّواها جماعةً، ومنذُ ذلكَ الحينِ صارت هذه الصلاةُ من السننِ الرمضانيةِ المتبعةِ.
بعدَ التعرّفِ على إجاباتِ أسئلةِ “صلاةُ التراويحِ كم ركعة؟ ومتى موعدها؟” والتعرّفِ على أهمِّ المعلوماتِ حولَ هذه الفريضةِ، نجدُ أن لها فضلًا عظيمًا، كما أنها من الشعائرِ التي تميَّزَ بها شهرُ رمضانَ منذُ بعثةِ الرسولِ، عليه أفضلُ الصلاةِ والسلامُ، وإلى ما شاءَ اللهُ.
التعليقات